مراجعات

مراجعة Armored Core VI: Fires of Rubicon

منذ بدأت سلسلة Armored Core على جهاز PS1 كانت مميزة عن غيرها، ولعل أكثر ما ميز السلسلة هو العمق الذي لا ينتهي في تخصيص جميع عناصر الآلة (الميكا) عند اللاعب، وهذا ما نتج عنه طرق لعب لا تكاد تحصى.

إلا أن جميع أجزاء السلسلة كانت مشوبة بالعيوب، والأسوأ من ذلك هو كثرة الأجزاء وإصدارها بشكل سنوي، بل وأحيانا تصدر لعبتان من السلسلة في سنة واحدة، وهذا الحلب والتعجيل بإصدار الألعاب كان له الكثير من الآثار السلبية، حتى اختفت السلسلة عن الأنظار مع جزء Verdict Day عام 2013، لتنعش السلسلة مرة أخرى بعد ذلك بعشر سنوات في عامنا هذا 2023، وبعد أن اكتسب أستديو From Software خبرة ليست بهينة في تطوير الألعاب من خلال تجاربه في العقد الأخير، وهذا ما جعل الاستديو ينال ثقة الناشرين أيضا.

وهنا تأتي اللعبة التي بين أيدينا  Armored Core VI Fires of Rubicon والتي هي في الحقيقة الجزء السادس عشر من السلسلة بعد الانقطاع عنها، فهل كانت بقدر التطلعات؟ وهل تقارع ألعاب الأستديو الشهيرة من حيث الجودة؟

(التعريف باللعبة)

لعبة Armored Core VI هي لعبة أكشن متمحورة حول الميكا (الآلات) بنظام يعتمد على المهمات، وهي من نشر شركة Bandai Namco وتطوير أستديو From Software، وتأتينا من طاقم مختلف بشكل شبه كلي عن الذي عمل على الأجزاء السابقة، إذ أن مخرجها هو Masaru Yamamura الذي برز بعمله على تصميم بعض ألعاب سلسلة السولز بالإضافة إلى كونه مصممًّا رئيسيًّا للعبة Sekiro، وهذا بالطبع يعني أن اللعبة لن تكون كالأجزاء التي سبقتها بشكل كامل، ويأتي تفصيل الأمر فيما يأتي.

  • اسم اللعبة: Armored Core VI Fires of Rubicon
  • المطور: From Software
  • الناشر: Bandai Namco
  • المخرج: Masaru Ymamura
  • المنصات:  و PS4 وPS5 و Xbox Series X|S و Xbox One و PC
  • موعد الإصدار: يوم 25 من أغسطس عام 2023
  • اللغات: لا تدعم اللغة العربية.
  • المزيد من المعلومات من الناشر عبر الموقع الرسمي.

مراجعة Armored Core VI: Fires of Rubicon

القصة

قصة Armored Core VI تقع أحداثها على كوكب Rubicon حيث توجد مادة غامضة باسم Coral تمتلك إمكانيات هائلة، لذا تتنافس المؤسسات للحصول على هذه المادة ودراستها وتسخيرها لمصلحتها طمعًا رغم أنها تسببت بكارثة كبيرة على كوكب Rubicon قبل نصف عقد، وهنا بطل اللعبة المرتزق Raven أيضًا مكلف بالبحث عن هذه المادة بتوجيه من Handler Walter أحد الشخصيات المفتاحية والغامضة كذلك في قصة اللعبة.

بدون إسهاب، هذا هو إطار القصة.

خلفية القصة مثيرة للاهتمام وكعادة ألعاب From Software في بدايتها تجعل اللاعب يطرح الكثير من التساؤلات، لكن Armored Core VI أسلوب سردها بالمجمل ليس كألعاب الأستديو السابقة، بل هي مباشرة بشكل أكبر بكثير، قريبة من درجة Sekiro إلى حد ما.

أما عن التدرج في طرح القصة فهو جيد، لكنه يتطلب تركيزًا بالحوارات أثناء المهمات وأثناء التلخيص والمحادثات التي تلي كل مهمة، ونجح في شدي مع شخصيات اللعبة المثيرة للاهتمام سريعًا، خاصة بعد الفصل الأول. هذا مع وجود كمية لا يستهان بها من المعلومات في وصف أجزاء الآلة، خاصة التي تتعلق بشخصية أو جهة معينة، وكذلك توجد نصوص تصل إليها من خلال فحص بعض الأجسام المدمرة، أي أن القراءة مهمة كذلك للقصة، وتوزيع المعلومات في اللعبة كان جيدًا مبتعدًا عن العشوائية خلاف بعض ألعاب الأستديو السابقة.

كذلك لن تكفي تختيمة واحدة لفهم كل القصة، بل يجب إنهاء اللعبة أكثر من مرة، لأن كل مسار يحتوي على معلومات لا تُكشف في غيره عن الشخصيات أو حتى عن العالم، والجميل بالأمر أن المعلومات الجديدة هذه وجدت لها تلميحات حين أعدت اللعبة مجددًا، وفيها تفسير لبعض الأمور.

تجربة اللعبة القصصية مجملًا جيدة جدا، وأعتبرها إحدى أفضل جوانب اللعبة إذا أعطاها اللاعب ما تستحقه من الانتباه والاهتمام ليفهمها ويفهم مجريات أحداثها.

المشكلة الوحيدة من حيث السرد هي أن القصة أحيانًا تعاني من الجمود، إذ أنك من بين المهمات المثيرة للاهتمام قد تجد مهمة لا تقدم ولا تؤخر بالأحداث، رغم أنه لها عواقب على الأرجح ودافع لقيام اللاعب بها، لكنها ضحلة إلى حد كبير، وربما تفقدك الاهتمام بعض الشيء.

الشخصيات مجملًا مثيرة للاهتمام، بعضها كثير الحضور والآخر أقل حضورًا، لكني لمست تميزًا في معظم الشخصيات بخلفيتهم القصصية ودوافعهم وأهدافهم، وكلٌّ أخذ حقه ولعب دوره، وكل هذا مدعم بأداء صوتي ممتاز عند الأغلبية في اللغة الإنجليزية واليابانية كذلك.

أطراف القوة في عالم اللعبة متعددة، وكل طرف تهمه مصلحته لا غير، لذا لا يدوم الصلح والتعاون طويلًا بالمشهد، والخيانات والمباغتات دائمة الحضور.

هكذا هو عالم اللعبة، والأحداث تزداد سرعة ودسامة بشكل تصاعدي، حتى تبلغ ذروتها مع النهاية. وعلى ذكر النهايات، فاثنتان منهن مثاليتان، في حين أن المشكلة عندي مع المسار الثالث مجملًا والنهاية الثالثة التي كانت تعاني من تسارع شديد وعشوائية غير منطقية بالأحداث خاصة في النهاية، وهي أكبر مشكلة عندي بالقصة وأكثر ما خيبني فيها، خاصة بعد المستوى الممتاز الذي تم تقديمه مع النهايتين.

يوجد تحفظ آخر على القصة، وهو أنه توجد القليل من الأسئلة التي لم أجد لها جوابًا حتى الآن، وربما تم التطرق إليها في اللعبة دون وعي مني، أو قد تكون بالفعل مجاهيل. وعلى ذكر الأمر، من أكثر الأمور التي لا تعجبني في ألعاب الأستديو السابقة وجود ثغرات واضحة للقصة لم يتم التطرق إليها، ولعبة Dark Souls 1 على سبيل المثال كانت هناك أمور بغاية الأهمية لم يُكشف عنها إلا بعد 6 سنين في توسعة The Ringed City، وهذا ليس بالأمر الجيد.

لا أقول إن هذا الأمر حاضر بنفس الدرجة في Armored Core VI، وقصتها ليست بحجم أو تشعب Elden Ring على سبيل المثال، لكنه أمر سلبي وإن دق.

مراجعة Armored Core VI: Fires of Rubiconأسلوب اللعب

أكثر ما يميز لعبة  Armored Core VI ولعله السبب الرئيسي الذي يدفع المرء للعبها هو أسلوب اللعب.

أسلوب اللعب (القيمبلاي) يوافق جوهر السلسلة مجملا، بل ورث معظم العناصر التي تم تقديمها مسبقًا وحافظ على الرئيسي منها وأضاف عليه وقدم التغييرات اللازمة. فاللعبة تحتوي على أسلوب لعب يعد الأفضل في السلسلة وقُدمت له البيئة التي يستحقها، وتظهر فيها كامل إمكانياته العالية، من حيث المهمات والمواجهات ما بين الأعداء والزعماء.

ليس هذا الجزء هو الأسرع في السلسلة، بل جزء Armored Core 4 و Armored Core For Answer كانا أسرع من هذا بكثير، إلا أنهما يفتقران إلى الموازنة في السرعة ذاتها وكذلك في الأعداء والزعماء مجملًا. وليس هذا الجزء بالأبطأ كذلك، بل هو أسرع من أجزاء السلسلة المتقدمة، ويعيب هذه الأجزاء بنظري بطء أسلوب اللعب وضحالته أحيانا رغم قابلية التخصيص الكبيرة.

لكن ما الذي جعل AC6 أكثر توازنًا وصقلًا؟

هذه الإصدارة كسابق أجزاء السلسلة تتحلى بكثرة التنوع في العناصر التي تؤثر على أسلوب اللعب، سواء من حيث أنواع الأسلحة ما بين:

– المسدسات

– البنادق

– الرشاشات

– أسلحة الليزر

– أسلحة البلازما

– القذائف الفيزيائية وغيرها

– الأسلحة اليدوية للمدى القريب

وغير ذلك الكثير، مع وجود تنوع كبير من حيث الوظيفة والإحصائيات في أسلحة النوع الواحد، وتباين الأنواع فيما بينها من حيث نوع الضرر وفعاليته بمختلف الظروف والأوقات.

هذا جانب واحد من أسلوب اللعب والتخصيص، والجوانب الأخرى لا تقل عمقًا عنه، وكل قطعة في الآلة تلعب دورًا محورية في تكوين النتيجة النهائية التي ترغب بالوصول إليها لتحديد أسلوب لعبك.

لضرب المثل، عندنا عنصر الوزن العام للآلة والذي يتحدد عن طريق جزء الساق، فكلما قوَت الساق صارت أقدَر على تحمل وزنٍ أثقل، وهذا يتيح المجال لاستخدام قطع أذرع ثقيلة ذات إحصائيات عالية، واستخدام مولد ذي سعة طاقة عالية، ونواة قوية، وأسلحة ثقيلة، ومقاومة عالية للتزعزع، وغير ذلك.

إلا أن هذه الزيادة ليست مجانية، فأنت تربح شيئًا مقابل التضحية بآخر. زيادة الوزن تعني بطء آلتك من حيث السير مجملًا، وتجعل الطيران أكثر تطلبًا للطاقة وأسرع نفادًا، والمعدات تتباين فيما بينها من ناحية استهلاك الطاقة أيضًا وهذا يتطلب سعة عالية من المولد، وستعجز عن استخدام Quick Boost بشكل سريع، وكل جزء من الآلة يساهم في عناصره الخاصة، وكلهم معًا يشكلون الآلة التي ترغب بها بمختلف الأنظمة في اللعبة، وكل ما ذكرته يوجب على اللاعب تصميم آلة تتسق أجزاؤها فيما بينها.

مشكلة اللعبة في نظام لعبها هي وجود بعض الأسلحة التي تكسرها على نهايتها وحين تلعب NG+ تسهل اللعبة كثيرًا بفضلها، وتذكروا هذه النقطة لأنني سأتطرق لها في فقرة أخرى.

ما الجديد في اللعبة

كما ذكرنا مسبقًا، اللعبة حافظت على جوهر سلسلة Armored Core وهي تطمح بالتحسين على كل ما سبق تقديمه والإضافة عليه وتغيير ما يلزم، فما الجديد في هذه الإصدارة؟

قبل ذكر أي مما تم إضافته، اللعبة حسنت وصقلت تقريبا كل عنصر تم تقديمه في الألعاب السابقة وجعلته بأبهى حلة. فمثلًا من خلال قائمة OS Tuning التي هي قائمة المهارات، سنجد مهارة Assault Armor وهي معنية بتكوين دائرة حول اللاعب تتسبب بالضرر بكل من فيها، وكلما كان العدو إلى اللاعب أقرب كان الضرر عليه أشد قوةً، وهذه الحركة تم تقديمها سابقًا مع Armored Core For Answer وكانت تتسبب بضعف دفاع اللاعب حين يستخدمها، أي هي سلاح ذو حدين.

وورثتها AC6 مع قابلية تطوير المهارة من خلال قائمة OS Tuning، وصار من الممكن استبدالها بدرع حول جسم الآلة بدلًا من جعلها حركة هجومية، أو جعل هذا الدرع يتفعل حين تكاد تفرغ نقاط الصحة عند اللاعب، أو تكوين دائرة كبيرة تعزل ما خارجها وتحمي اللاعب فيها طالما لم يدخل إليها العدو كذلك.

هكذا ورثت AC6 العناصر من الأجزاء السابقة، تأخذ الفكرة وتحسن منها وتضيف عليها.

أما من ناحية الجديد تمامًا، نجد أمامنا نظام في غاية الأهمية باللعبة، وهو نسبة اتزان العدو واتزان اللاعب، أمر مشابه لنظام Posture الذي تم تقديمه في لعبة Sekiro، لكنه على خلاف سيكيرو لا يجعلك تسدد ضربة قاضية للعدو، بل يعطيك مهلة يثبت فيها العدو ويتزايد الضرر عليه، ويختلف الأعداء فيما بينهم من حيث سرعة تعافيهم من الصدمة، وأسرع الأعداء تعافيًا هم الـ Armored Cores، وكل ما سلف ينطبق على اللاعب حين يُكسر اتزانه أيضًا.

عدا نظام الاتزان، عندنا حركة Assault Boost، وهي تتشابه قليلًا مع حركة Over Boost التي قدمتها الأجزاء السابقة، إلا أنها كانت مقتصرة على التنقل في مناطق واسعة فحسب، ولا يمكن استغلالها في القتال بأي شكل من الأشكال، بخلاف حركة Assault Boost في هذا الجزء، والتي تجعل اللاعب يتقدم للعدو، وقادرًا على المراوغة والمناورة أثناء التقدم وتمكنك من الركل حين الوصول إلى العدو، وهذه حركة في غاية الأهمية لأن ضررها جيد وتتسبب بزعزعة اتزان العدو.

مما تميزت فيه اللعبة كذلك قابلية شحن الأسلحة للتسبب بضربات ذات تأثير أقوى وأكثر تركيزًا. بندقية الليزر على سبيل المثال هي بندقية في وضعها الطبيعي، في حين أن شحنها يتسبب بضربة ذات تأثير قوي وانفجار ذي مدى جيد، وهذا يجعل السلاح مناسبًا لجميع أنواع الأعداء في وضعه الطبيعي، ومضادًّا لأعتى الأعداء أثناء شحنه.

تأثير الشحن يمتد إلى الأسلحة اليدوية قريبة المدى (melee)، والتي تتسبب بهجوم مختلف تمامًا وأكثر ضررًا، واللعبة من حيث أسلحة Melee أكثر تنوعًا بكثير من لأجزاء السلسلة السابقة التي يقتصر معظمها على الأسلحة بعيدة المدى، مع كون معظم الأسلحة قريبة المدى منسوخة من بعضها ولا يعد حملها أفضل من حمل سلاح بعيد المدى، خاصة في الأجزاء المتأخرة من السلسلة.

هذه جوانب قليلة من بين التي تميزت بها اللعبة عن الأجزاء السابقة، لكن أهم من هذا ما يأتي في الفقرة التالية.

مراجعة Armored Core VI: Fires of Rubicon

نظام المهمات وتصميم الأعداء

اشتهرت ألعاب أستديو From Software منذ بداية سلسلة السولز حتى إصدار لعبة Elden Ring بتصميم مناطقها المتشعبة والمترابطة فيما بينها والعالم شبه المفتوح في جميع أجزاء السلسلة عدا Elden Ring، وهذا جزء لا يتجزأ من تصميم وتوجه هذه الألعاب، في حين أن سلسلة Armored Core بأكملها مهيأة تمامًا لنظام المهمات، فبعد مرورك من خلال تلخيص المهمة (mission briefing) ستنطلق فيها، في مراحل تصميمها يكون أكثر انفتاحًا بكثير من باقي ألعاب الأستديو، بشكل يناسب أسلوب لعبها، إذ أنك موجود لتتم هدفًا كُلفت به، مع قابلية التفرع قليلًا واختيار طريقة إتمامك لهذا الهدف.

الآن بعدما فهمنا نظام المهمات في اللعبة، هل المهمات بذاتها جيدة؟

المهمات بين الجيد والممتاز، وهذا بفضل عاملين، هما التنوع في الأهداف والتنوع في الأعداء.

أما من حيث التنوع في الأهداف، سيجد اللاعب نفسه أمام مهمات لجمع البيانات مثلا، أو قد يُطلب منه حماية شيء معين، أو أن يُطلب منه تدمير وحش هائل كما في مهمة Strider في الفصل الأول، أو قد تسير في مرحلة تحتوي أعداء يجب التخلص منهم أو العبور من خلالهم للوصول إلى زعيم معين، أو مهمة تجد فيها أنواعًا مميزة من الأعداء غير المرئيين عن بعد، وما إلى ذلك من الأفكار المتنوعة التي تقدمها اللعبة في معظم مهماتها.

تحتوي المهمات على بعض الأسرار والخبايا التي تكافئ اللاعب الذي يجعل وقتًا للبحث عنها، وقد وجدت أثناء إعادتي للعبة بعض الصناديق المحتوية على أسلحة أو دروع أو أدوات وغير ذلك، بل أجد أحيانًا أعداء يملكون بحوزتهم Combat Logs، وهذه الأغراض ترفع من مستوى اللاعب وتمنح بعض القطع مكافأةً له على إيجادها.

أوصي باستخدام الفحص (scan) لعلك تجد ما يثير اهتمامك بين هذه القطع.

أما العامل الثاني وهو التنوع بالأعداء، فهو من أقوى نقاط القوة باللعبة، إذ أن الأعداء متنوعون في حجمهم وقوتهم، والبعض منهم يطير ويتوجب منك الوصول إليه والآخر يبقى على الأرض، وكلٌّ له طريقة أنسب له من غيره. فأحيانا تجدهم كثيرين يليق التخلص منهم بشكل جماعي بالقذائف، وأحيانا تجد الآلات المدرعة من الأمام فتحتاج إلى الالتفات من الخلف للتخلص منها، وأحيانا تجد مزيجًا بين كل أولئك مع توزيع جيد للأعداء معظم الأوقات. وهذه أمثلة من بين أفكار متعددة قُدمت من خلال المهمات.

توجد 4 مهمات خفيفة في اللعبة لا تتطلب منك غير التخلص من هدف يسير، وتنتهي خلال 4 دقائق، منها ما هو مُتفهم لتلقن اللاعب نظام اللعب، لكن اثنتين منهن تأتيان بعد الفصل الأول الذي يُفترض أن اللاعب تعلم منه جميع الأساسيات، وصار أقدر على التصرف واستغلال آلته بالشكل الصحيح، لذا لا طائل من مهمة كهذه آنذاك، خاصة إن كانت بين مهمات ممتازة.

لكن الملاحظ هو أنه مع التقدم وكلما زاد تمكن اللاعب من أسلوب اللعب تصبح المهمات أكثر صعوبة، والزعماء أكثر تحديًا ومتعة، حتى تصل اللعبة ذروتها في آخر المهمات.

وعلى ذكر الزعماء، هم من أقوى نقاط قوة Armored Core VI، ويمكننا تشبيههم بزعماء سيكيرو من حيث اختبارهم لمهارات اللاعب وما تعلمه وصولًا إلى هذه اللحظة، وتدفعه لاستغلال جميع الموارد المتاحة، مع تنوع كبير في طريقة تصميم كل منهم.

تحتوي اللعبة  على وضع مهم ورثته من ألعاب السلسلة السابقة، وهو وضع الأرينا. هذا الوضع يجعلك في قتال مع Armored Core متنوعين، والضروري فيها هنا هو أن القضاء على عدو في الأرينا يمنح اللاعب ما يعرف بـ OST Chips من خلالها يطور مهاراته في قائمة OS Tuning والتي هي بذاتها متنوعة إلى حد كبير وتدعم مختلف طرق اللعب.

مستوى التحدي وصعوبة اللعبة

مما يتبادر إلى ذهن أي لاعب لسلسلة Dark Souls ومجمل ألعاب أستديو From Software حين يفكر بتلك الألعاب، أنها تقدم تحديًا كبيرًا منذ بدايتها وحتى النهاية، لكن في الحقيقة هذا كان حال ألعاب Armored Core أيضًا لا سيما الجيل الأول من السلسلة. فأجزاء الجيل الأول كانت صارمة مع اللاعب، وتعاقبه على أي قرار خاطئ يتخذه، وإذا فشل في مهمة لن يتمكن من إعادتها، بل يستمر في اللعبة ويُحاسب على تكاليف إصلاح آلته دون أي مكسب، وإذا لم تبنِ آلتك بالشكل الصحيح فلن تستمتع باللعبة مطلقًا.

لكن كيف هو حال Armored Core VI، هل تقدم تحديًا كبيرًا؟ وإن كان كذلك، فهل اللعبة عادلة في ظروفها الصعبة؟

تقدم اللعبة صعوبة متوسطة في أول مهماتها، وتتصاعد في هذا كلما تقدم اللاعب، مع حفاظ الزعماء على درجة عالية من التحدي منذ البداية، والمهمات متباينة فيما بينها من حيث التحدي.

لكن مجمل المهمات تضع اللاعب في ظروف عادلة، ولا أكاد أجد عدوًّا يملك تحركات غير منطقية، بل حتى أصعب زعماء اللعبة الذي يواجهه اللاعب في الفصل الخامس يمكن التصدي له بفعالية باستخدام أدوات معينة، خاصة وأن اللاعب في نهاية اللعبة ومن المفترض أنه صار عنده وصول إلى معظم الأسلحة والأجزاء والأدوات.

بل في الحقيقة، نقطة الجدل بالنسبة لي هي سهولة اللعبة عن طريق بعض الأدوات، إذ أنك قادر على إنهاء أقوى الأعداء بحيَل معينة، والحيَل هذه منتشرة بين الناس.

ربما تكون الحيَل هذه بمثابة easy mode مقصود في اللعبة بدلًا من خيار استدعاء صديق في ألعاب دارك سولز مثلًا، لكن حتى لو كان هذا المقصد فقد بالغ الأستديو بتضمين خيارات التسهيل التي تجعل من معظم الزعماء لا شيء غير أضحوكة، وأعتقد أن بعض الأسلحة ستُجرى عليها مجموعة من التعديلات على ضررها وتأثير الصدمة فيها من خلال التحديثات في وقت قريب لمدى اختلال موازنتها وكسرها للعبة.

هذا على الرغم من أن أغلب الأمور الكاسرة للعبة لن يجدها اللاعب في أول تختيمة على الأرجح إلا لو بحث عنها عبر الشبكة، ولن يصل إلى هذه الأدوات إلا بعد التقدم إلى حد معين في اللعبة، لكن هذا له ضرر على تختيمة اللاعب الثانية في New Game+ وهذا ينقلنا إلى الفقرة التالية.

قيمة الإعادة

اللعبة تحتوي على وضع NG+ كجميع ألعاب الأستديو الأخيرة، لكن هذا الوضع في باقي الألعاب يقتصر على محافظتك لأغراضك ورفع قوة الأعداء الدفاعية والهجومية لمواكبة مستوى اللاعب، عدا لعبة Dark Souls 2 التي حاولت تقديم تجربة مختلفة بعض الشيء في التختيمة الثانية.

أما Armored Core VI إذا انهيت تختيمة واحدة فأنت لم تكملها، إذ أن تقديم النهايات في اللعبة ليس كألعاب الأستديو السابقة، بل هي أقرب لكونها مسارات تتغير فيها مجريات الأحداث بشكل كبير، ويأتي التفصيل هذا بجزئية القصة لاحقًا، لكن الأهم من ذلك هو أنه توجد العديد من المهمات التي تُفتح في التختيمة الثانية، وتُخيَّر كذلك بين مهمتين أحيانًا، كل واحد منهم يحتوي على مواجهات مختلفة ويؤدي إلى نتيجة مختلفة في القصة.

ليس كل شيء مختلفًا، لكن الإعادة مع المهمات الجديدة والمتغيرة تجربة جديدة، وكذلك بعض المهمات توجد فيها مواجهات إضافية أعجبتني واستمتعت بها، هذا في التختيمتين الأولى والثانية.

نعم، يجب أن تنهي اللعبة 3 مرات لإكمال جميع مسارات القصة وإنهاء كل المهمات وتحقيق كل النهايات، وهذا يمكنك من قتال زعماء مختلفين، فكل نهاية تضعك أمام زعيم أخير مختلف عن النهايات الأخرى، وكلهم ممتازون بتصميمهم.

علاوة على هذا، الاستمرار باللعبة بعد الإعادة يتيح لك المزيد من القتالات السرية في Arena حتى بعد إنهاء مستوى S.

حتى على صعيد الأدوات، ستنال أسلحة وأجزاء وأدوات مختلفة مع كل مسار للاستفادة منها في أسلوب لعبك. وهذا أمر جيد بالنسبة للذين يرغبون بتحليل اللعبة وإمضاء وقت طويل فيها.

الرسومات والأداء التقني

حكمًا على نسخة PS5 بشكل رئيسي بما أني لعبتها عليه، تتضمن Armored Core VI رسومات مشابهة للمستوى الذي رأيناه في ألعاب الأستديو الأخيرة مع نفس الأولويات، إذ أن الرسومات ليست بالشيء المبهر من حيث التفاصيل، لكن يصب كامل التركيز على التصميم الفني، وهنا لعبة Armored Core VI تتنوع بشكل كبير في مناطقها من حيث الألوان وطريقة التلاعب بالإضاءة، فالفريق الفني هنا لم يبذل جهدًا أقل من الألعاب السابقة.

كذلك تحتوي اللعبة على تصاميم رائعة ومميزة للمناطق والآلات والمجسمات مظهريًّا، كذلك من حيث التصميم البصري للتفجيرات والمؤثرات البصرية بمختلف ألوانها شيء مبهرج ومبهر للعين وسط القتالات. والأنميشن للأعداء واللاعب والزعماء في قمة الامتياز، سواء أثناء الحركة أو الضرب أو استخدام ضربات melee أو تبيين آثار الصدمة، كلها كانت جوانب رائعة.

لكن توجد بعض المشاكل بالمظهر كعادة ألعاب الأستديو السابقة، من ضمنها جودة تعرج الحواف، وربما لن يعتبرها البعض مشكلة كبيرة بفضل سرعة اللعبة وعدم اضطرار اللاعب إلى التركيز على هذه التفصيلة بخلاف لعبة Elden Ring التي تعاب بشكل واضح على هذا.

تحتوي اللعبة على انعكاسات جيدة مجملًا مع وجود هفوات قليلة باستخدام مزيج بين SSR و Cubemaps كما هو حال ألعاب كثيرة مثل Starfield، وجودة الظلال أجدها حادة وجيدة جدا دون مشاكل ملحوظة خلاف لعبة Elden Ring التي كانت تعاني قليلًا بها. وحتى الآن هذه أفضل ألعاب الأستديو من حيث الفيزيائية وإمكانية تفاعل اللاعب مع المجسمات في العالم.

أما من حيث الأداء، اللعبة cross-gen لذا من الطبيعي أن نجدها تقدم أداء جيدًا جدًّا على جهاز PS5، بتحقيقها 60 إطارًا معظم الوقت باستثناء المشاهد السينمائية التي تهبط بشكل كبير، مع وجود القليل من الهبوطات التي يمكنك ملاحظتها بالعين المجردة أحيانًا بسبب سرعة اللعبة الهائلة التي تزداد فيها أهمية الثبات أكثر بكثير من ألعاب أخرى، وأحيانًا تهبط إلى 50 إطارًا أو أقل بقليل في المواقف التي يكثر فيها الأعداء وتزيد تأثيرات الطقس والانعكاسات على بعض الأسطح، لكنها لا تجعل من الأداء سيئًا، بل ما زال في حال جيدة تحقق هدف 60 إطارًا في معظم المهمات.

لكن جدير بالذكر أن تنزيل نسخة PS4 Pro على جهاز PS5 يقدم لك تجربة أفضل من حيث الأداء، إذ أنها ثابتة بشكل تام دون أي هبوط وإن كان لحظيًّا بالإطارات، وربما سيفضّل البعض نسخة PS4 إذا كان مستعدًّا لضربة في جودة الرسومات من حيث الانعكاسات والظلال وجودة الخامات وغير ذلك.

أما من ناحية الدقة، اللعبة تقدم وضعين، وضع أولوية الإطارات ووضع أولوية الجودة، الأول يستهدف 60 إطارًا مع دقة 4K ديناميكية لكنها في الحقيقة أقرب إلى 1512P وتصعد إلى 1800P أحيانًا، وهذه نتيجة جيدة وستقدم لأصحاب الشاشات التي تدعم الدقات العالية تجربة بصرية جميلة.

أما على الـ PC فهذه لعبة ممتازة من بين ألعاب السنة المحبطة تقنيًّا، فالكروت القديمة قادرة على تشغيلها بمتوسط 60 إطارًا على إعدادات متوسطة بدقة 1080P، والأجهزة المتوسطة قادرة على تشغيلها بدقة 1440P و 120 إطارًا، ومجملًا اللعبة تم ضبطها على منصة الحاسب الشخصي أكثر من الأجهزة المنزلية.

مراجعة Armored Core VI: Fires of Rubicon

الموسيقى والتصميم الصوتي

تحتوي اللعبة على موسيقى جيدة، ليست بقوة ألعاب الأستديو السابقة طبعًا، لكنها رائعة هي الأخرى. لكن العائق الذي قد لا يجعل البعض يقدّرها هو أن التركيز فيها صعب مع سرعة اللعب وكثرة المؤثرات الصوتية والبصرية التي تنال كامل تركيز اللاعب، لكنها بشكل غريب في نفس الوقت تساهم بإضافة جو ملحمي إلى القتال. وأنا شخصيا تفاجأت حين أعدت سماع موسيقى بعض الزعماء والتي أعتبرها أفضل من جزء For Answer الذي كان رائعًا من هذه الناحية، وكانت من نفس الملحن كذلك.

أما عن التصميم الصوتي، فأنا أعد هذه اللعبة بجانب Sekiro أو أفضل منها من حيث تصميم الصوتيات، فأصوات آلة اللاعب وأسواط المحيط والآلات بمختلف الأعداء والزعماء ممتاز، وتشعرك دائمًا بثقل الضربة مهما كان العدو الذي سددتها له، وتخلق جوًّا رائعًا من الانغماس أثناء اللعب مع مزيج الصوتيات المختلفة. وتوجد حركات تصميمية ممتازة كما في قتال أحد الزعماء حين يتم إبطال الموسيقى والتركيز على صوت إحدى الشخصيات ومزيج بين مجموعة صوتيات أخرى في لحظة تحبس الأنفاس.

لست أبالغ حين أمدح تصميم الصوتيات بهذا الشكل، وأعتقد أن كل من لعبها سيوافقني من هذه الناحية.

الإيجابيات
  • أسلوب لعب ممتاز جدا وسلس في الحركة بميكانيكيات كثيرة قابلة للتسخير.

  • عمق كبير بنظام تخصيص الآلة يترتب عليه تنوع بأساليب اللعب.

  • تصميم جيد للمهمات وتنوع بالمراحل.

  • تصميم ممتاز للأعداء مجملًا والزعماء خاصةً.

  • قصة جميلة داخل عالم مثير للاهتمام.

  • تصميم فني يقدم تجربة بصرية مذهلة.

  • أداء تقني جيد على جميع المنصات.

  • تحدٍّ ممتع وعادل.

  • أداء صوتي ممتاز.

السلبيات
  • وجود أسلحة وأجزاء تكسر صعوبة اللعبة.

  • بعض المهمات لا طائل من وجودها.

  • يوجد جمود في القصة بأجزاء معينة منها.

  • المسار الثالث من القصة ليس بجودة ما قبله.

تمت مراجعة اللعبة على منصة  PlayStation 5  بنسخة مراجعة تم توفيرها من الناشر.

لمشاهدة المزيد من مراجعاتنا على منصة Opencritic أو الموقع تفضلوا هنا.

التقييم النهائي - 8

8

لعبة Armored Core VI Fires of Rubicon هي إحدى أفضل ألعاب أستديو From Software، وُفقت في معظم جوانبها وقدمت أسلوب لعب إدماني في مهمات ممتعة داخل قصة جميلة، وهي خطوة جيدة للتوسع خارج الدائرة التي اعتاد الأستديو تقديم الألعاب من خلالها في العقد الأخير، وأرى أنها تناسب محبي ألعاب الأستديو الذين يبحثون عن لعبة تقدم تحديًا ممتعًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى